الإنسان و البيئة

الإنسان و البيئة

لحسن بنيعيش

               إن تلوث البيئة ظاهرة تؤرق الإنسان اليوم – أكثر من أي وقت مضى – للأخطار المحدقة به برا و جوا و بحرا : قاذورات و قمامات و زيوت و كيماويات و نفايات في كل مكان.

 

من المشاهد اليومية تجد امرأة ضخمة ، تلقي بالأزبال من النافذة أو من الباب، فتتناثر الأزبال هنا و هناك، و الرجل في عرض متر و طول المترين بشارب كبير تثقله البلادة هو الآخر لا يتورع ، و الطفل أو الشاب يلف العلبة البلاستيكية يديرها بين يديه دورة أو دورتين ثم يلقي بها, ذلك ما اعتاد على رؤيته بل تجده منتشيا و كأنه عاد بانتصار عظيم ، و هذا و الحاويات الضخمة على مرمى حجر من أقدامهم… و تجد أطفالا و شبابا و رجالا و نساء يبحثون في الحاويات عن مواد قابلة للبيع و التدوير مثل : ( ألعاب أطفال – أواني – صفائح بلاستيكية أو معدنية…) ، يهرعون بها إلى سوق المتلاشيات ليخرجوا العلب البلاستيكية حتى الراقدة في الأعماق لتتناثر في المحيط هنا و هناك…

 

بل الأدهى و الأمر عندما تجد الجار يكدس الأزبال على عتبة جاره، أي أنانية تلك؟! وأي إحسان ذلك؟! أين هو من قول الرسول الكريم: ” أحسن إلى جارك تكن مؤمنا “، و قوله عليه السلام :   ” لا زال جبريل يوصي بالجار حتى ظننت أنه سيورثه “.

 

أما الحدائق فتعرف من الإساءة ما لا يحصى : أزهار تغتصب ، و ورود تذبح فتنثر أوراقها ، و فضلات من الطعام و الشراب ترمى على عشبها اليانع ، ليتحول إلى منظر تمقته العين  و رائحة تعافها النفس. و القرآن الكريم نبه ألى الجانب الجمالي في الحدائق قائلا : ” أمن خلق السماوات و الأرض و أنزل لكم من السماء ماء فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ما كان لكم أن تنبتوا شجرها آ إله مع الله بل هم قوم يعدلون ” سورة:النمل – الآية:60.

 

ارتباطا بمضمون الآية يصبح العلاج مرتكزا على الحس الجمالي و الأخلاقي و على الجهد الفردي   و الجماعي. ما أحوجنا إلى فرد يحب الجمال و النظافة في نفسه كما يحب ذلك في غيره! تأبى فطرته أن يلقي القمامة كيف ما اتفق ، بل يضعها في حاويات تلفها ، أو حفرة تطمرها… واعيا منه بعظيم المسؤولية ، و إدراكا بمخاطر التلوث و عواقبه.

 

فالكتاب و الأدباء بالمقالات و القصص و الأشعار ، و الخطباء بالنصح و الإرشاد ، و الإعلام بالتوعية و التحسيس ، و المدرسة بالعمل و التوجيه ، و الأسرة بالقدوة و التربية و الدولة بالتخطيط و وضع البرامج. إنه مشروع مجتمعي شامل ، فعدم الإنخراط فيه ينذر بزيادة الخطر ، و معه ازدياد العجز عن صياغة الحلول الناجعة لهذه المشكلة المعقدة.

 

الإنسان و البيئة من إنجاز الأستاذ لحسن بنيعيش

 

Commentaires

رد واحد على “الإنسان و البيئة”

  1. samia Avatar
    samia

    موضوع جميل جدا انت مبدع بتوفيق لك يا استاذ

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *